عبد القادر عضو جديد
عدد المساهمات : 1 تاريخ التسجيل : 21/11/2009
| موضوع: المقامة المصرية ....ادخل لو لم تدخل فانت الخاسر الكبير....... السبت نوفمبر 21, 2009 10:51 pm | |
| إليكم أعزائي أعضاء منتدى النجم هاته المقامة .... و الذي أرجوه من كل قلبي هو أن تنال إعجابكم ....... ....... حدثنا عيسى بن هشام قال : لما قفلت راجعا من أرض الكنانه، أحمل معي من المتاع ما غلى ثمنه و خفت أوزانه، نزلت بخان " سوفتيل القاهرة "، أدام الله عليها نعمه باطنة و ظاهرة ، و أنخت راحلتي في مربط الدواب، خشية أن يدهسها ماعز أو داب، فبينا أنا كذلك إذا بصعيدي يسوق بالجهد حماره، و يجر من العنت إزاره، فبادرته بتحية الإسلام ، و تحية الإسلام السلام، فرد السلام كاسفا، ثم نأى عن الكلام عازفا، فصحت فيه : إنت يا (اسطه)، ما خبرك ، و أي شيء حزبك، حتى أضحيت كسيف اللون، دامع العين فناح و بكى، و مما ألم به اشتكى، فكان مما قال: ... كنا أهل القاهرة و الصعيد، نعد العدة للاحتفال بيوم العيد، و هو يوم يأتينا كل أربعة أعوام،ينتظره علية القوم و العوام، نرقص فيه و نغني ، و من كل الأطايب أنفسنا نمني،فقاطعته قائلا: لم تحتفلون بذك اليوم ، و ما حدث فيه حتى يجافيكم في ترقبه الراحة والنوم، فصاح الصعيدي في وجهي، إنه يوم التأهل إلى المونديال، و ما أدراك ماالمونديال، فقلت : وما المونديال؟ ، فجثى على ركبتيه، ثم جلس على إليتيه، و أثنى ركبتيه، و خرجت من صدره نفثة مصدور، و بحة مزدور، و قال بصوت خافت: يا عيسى ، ألاتدري ما المونديال؟ فأجبت :لا. قال الصعيدي: يا ابن هشام ، المونديال، يوم عظيم، و محفل جسيم، تجتمع فيه كل خلائق الكرة الأرضية، من طنجة إلى سيبيرية، تقام بينهم المباريات، و تجرى فيما بينهم المقابلات، فياليت شعري كم من فائز قد قرت عينه بالفينال و الكأس، و كم من خائب عاد يجر ذيول الخيبة و اليأس، فقلت: الآن عرفت قيمة ذلك اليوم ، فما سبب غمك و غبنك؟ قال: قد كنا نعد لذاك اليوم فرحته، و نهيء لغبطته، حتى نزل علينا أقوام غلاظ شداد، أتو من جهة الغرب من محلة يقال لها الجزائر،ما فيهم إلا مجاهد ثائر، فوطئوا أرضنا، و استباحوا بيضتنا، يقدمهم قائد همام يقال له سعدان، ما رأيت مثله على قد ما زرت من الأماكن و البلدان، و خلفه كتيبة خضراء تضم عددا من الجنود من البواسل، قد رفعوا هاماتهم، و شدوا قاماتهم، قلت : أتذكر بعض أسمائهم؟، فقال : نعم، و هل يخفى القمر، كان على يمين قائدهم سعدان رجل نحرير، أظن اسمه جلول زهير ، مهمته التدبير و التسيير، أما الكتيبة فأتذكر منهم: فتى وقع خطاه في الأرض كالزلزال، أحسب اسمه عبد القادر غزال، و آخران كالبحر المسجور، هما جبور،و مطمور ... ثم راح المسكين يسرد أسماء القوم واحدا يتلوه الآخر، و فرائصه ترتعش، وجوارحه ترتعد، فقلت: هون عليك يا صعيدي، فبادرني قائلا: لو جربت تجربتي، لعرفت معرفتي. قلت: فما كان من حالهم ؟؛ قال الصعيدي: بعد أن عبر أولئك القوم الحدود إلينا ، و شددوا الحصار علينا، انبرى منهم رجل في يده مزربة من حديد تشبه الهراوة ،ينادونه محمد روراوة، فصاح فينا قائلا: قد عبرنا بهذا الحي من العرب و الأمازيغ إليكم، و لسنا نروم الرياسة و لا المال، و لا الخيل و لا البغال ولا الجمال، لأن ما تحت أيدينا يسعنا و أهلنا، و و جيشنا و جندنا، قال الصعيدي: فقلنا ما حاجتك إذن يا سيد روراوة، إن لم تكن تريد مالا أو إتاوة، فقال روراوة: نبغي أمرين اثنين ؛ الأول : أن لا حظ لكم في المونديال ، ولا نصيب لكم في ذاك الكرنفال ، لأنكم لستم له أهلا فإن أبيتم فلن نترك منكم شيخا ولا كهلا، و الثاني أن تسلمونا الإمعة عمرو أديب، فإنلنا معه ثأرا ، و نصدقكم فنحن ننوي به شرا ، سنفصل رأسه عن جسده ، لا بل سنسلخ عظمه عن جلده، ثم نقدمه علفا لدوابنا، و تبنا لبغالنا، فإن أبيتم فلا تلوموني ولوموا أنفسكم. قلت: ثم كان ماذا؟ قال: فاجتمع قومنا يرأسهم شحاتة ، و قد كان ذا فطنة وكياسة ، فقال لا بد أن لا نسلمهم رقابنا، فنخون عهد آباءنا، و ناصره في ذاك العزم أقوام أنعام ، أما أهل الفطنة لا البطنة، كشوبير الخبير، و الوزير الصادق، علاء صادق فرأوا ، أن لا بد من الاستسلام ، لأنه لا طاقة لنا بهؤلاء العظام الجسام،فاندلعت معركة حامية، دامت أياما ثمانية ، أسفرت عن مقتلة عظيمة ، و مهلكة جسيمة ،هلك على إثرها 80 ألفا من المصريين، الطيبين المسالمين، فلا حول و لاقوة الا بالله العلي العظيم، فارتأى من نجى منا أن يدفنوا في مكان يخلد ذكرهم ، فيكونون عبرة لغيرهم ، من المتهورين ، الذين لا يقدرون العواقب ، و اتفقنا أن نسمي مدفنهم استاد الرعب، لأننا عشنا فيه رعبا حقيقيا. فال عيسى بن هشام: ثم انطلق الصعيدي في موجة من البكاء ، و العواء ، أشفقت فيها لحاله، و خفت فيها على صحته و مآله، لكني أعجبت بأولئك الأبطال الذي افتكوا تأشيرة المونديال. ...... ...... | |
|